نبوءة وتفسير لكن من أين؟

كنا في قرية تللسقف في مدينة الموصل وقد صعدنا إلى السطح لغرض النوم كعادة الناس في أيام الصيف في العراق , وبينما كنتُ مستلقي على ظهري وانا أنظر إلى كواكب السماء المشعة ولعدم وصول التيار الكهربائي إلى القرى في ذلك الوقت وإقتصارهُ على المدن فقط , كانت السماء صافية وتتلئلأُ النجوم فيها بوضوح,  وإذ أحد الكواكب بدأَ بألحركة وإنتقلَ من النقطة " ب " وسار في عرض السماء مسافةََ طويلة من أحد زوايا السماء إلى ألأُخرى المقابلة لها ووصل إلى " ج " وإستقر هناك , ولم أَكُن أنا وحدي الذي شاهد هذا المنظر , إِذ صاح معظم من كانوا قد صعدوا إلى الاسطح من الجيران القريبين والبعيدين مندهشين بصوتِِ عالِِ " إنظروا الكوكب يسير في عرض السماء"  وما أن توقف الكوكب في النقطة " ج " حتى سكت الجميع . لكن هنا وبعد ثواني معدودة إبتدأ كوكبُُ آخر بالحركة من ألزاوية الأُخرى من النقطة " س "  وسار في عرض السماء مسافةََ طويلة أيضاََ إلى ألزاوية ألأُخرى المقابلة لها ووصل إلى ألنقطة " ص " وإستقر هناك, وهنا أيضاََ صاح الجميع مندهشين " أُنظروا هذا الثاني يسير " ولم يسكت الناس إلا بعد أن توقف هذا الكوكب أيضاََ, والكل يصيح " صبحانَ ألله "!.

  ولأني كنتُ صغيراََ لم أُفكر بألأمرِ كثيراََ ولكني دُهِشتُ كغيري من الناس الذين شاهدوا هذا المنظر العجيب, إلا أَنَّ أحد أقاربَ والدتي جاء لزيارتنا في بيتنا في اليوم التالي, وكان رجلاََ كبيراََ في السن, وقد عملَ شماساََ وفي خدمةِ الكنيسة لسنين طويلة,  وقد كان من المؤمنين الذين لهم دراية بالكتابات القديمة  وهو ومجموعةََ من اصحابهِ الشماميس القدماء كانوا يدرسون هذهِ الكتب وكانوا على دراية بأسرارها وكنوز المعرفة التي تحتويها. ولما دخل بيتنا كان بيتنا مليئاََ بنساء المحلة والجيران القريبين من دارنا وكان حديثهم يدور حول حركة الكواكب التي حصلت في الليلة السابقة, وما أَن دخل الرجل وألقى السلام على الجميع ورحبت والدتي بدورها بهِ , حتى سارعت إِحدى الجارات بسبب معرفتها بهوايته في دراسة الكتب القديمة مع أصدقائِهِ وسألتهُ " هل جلستم وفسرتم معنى إنتقال الكواكب الذي حصل ليلةِ أَمس؟ " وهنا قال الرجل " نعم " , ولما سمعتُ كلمةِ نعم قفزتُ إلى الامام منصتاََ إِليهِ , وكنتُُ أَتوقع أَن اسمع الكثير من الدجل, أو على القليل هكذا ظننتُ في حينها , فأنا من الجيل الجديد في حينها وهو من الاقدمين و و وو .., وهنا قال الرجُل:

هذهِ الحركة في الكواكب التي حصلت ليلةِ أمس مذكورة في إحدى النبوءأت القديمة في أحد الكتب"

فقالت ألمرأة وما هي , وما معناها؟

فقال : تقول النبوءة , متى ما حصلت هذهِ العلامة, سيحصل الاتي :

" دولتين في الشرق إِحداهما صغيرة والثانية كبيرة تقومُ بينهما حربُُ وتستمر لفترةِِ طويلة جداََ , والعالم كلهُ يتفرج عليهم ولا يحاول وقف هذهِ الحرب, بل بالعكس يتشفى بهم, ويقولون إنشاء الله الحرب تحرق كل شيء لديهم, وفي نهاية المطاف تنتصرالدولة الصغيرة على الكبيرة,  ثم بعد ذلك تحارب هذهِ الدولة جيرانها لتضمها , ومن ثَمَّ تحارب العالم كلهُ وتغلبهُ , وفي النهاية يُقتلُ ملك بين العراق والأُردن , وتيدأ علامات نهاية العالم."

 ولما كان جميع العراقيين يتهمون الملك حسين ملك الأُردن بالعمالة لإسرائيل والغرب وخيانة العرب  ويصفونه با ذاعة الجمهورية العراقيةُ " بالملك الخائن القزم" , ولسببِ ما, جعلني أُفكر بأَنَّ ما سمعتهُ للتو من قريبنا هذا, ليس إِلا نوعِِ من الضحك على البسطاء , ولإِنَّ معنى وتفسير الكلام بسيط ولا يعني إلا دولة إسرائيل.

وهنا قلتُ للرجل: " هذهِ الكل يعرفها, الدولة الصغيرة هي إسرائيل, والكبيرة قد تكون أي من الدول العربية من حول إسرائيل, ومن المعروف إِنَّ إسرائيل لها هدف إقامة إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل, فقد يبدأون بأي من الدول العربية وهي أكبر منهم ويضموها الواحدة تلو الأُخرى لغرض إكمال حلم إسرائيل الكبرى , وهنا وبالأخير يكون الاردن حائلاََ بين إسرائيل وتحقيق هدفها بضم العراق أيضاََ ويجب ضمهُ هو الآخر فهو أيضاََ من ضمن أراضي إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل, لذا وعندما يأتي الدور على الاردن لضمها , يهرب الملك حسين ولا تنفعهُ خيانتهِ ولا يكون أمامه إلا الهرب شرقاََ بإتجاه العراق , وهنا وبسبب خيانتهِ للعرب ومن ضمنهم العراقيين  فسينتقمون منهُ ويقتولونه حال دخولهِ ألأراضي العراقية ولا يحتاج أحد لهذهِ النبوءة لفهم ما سوف يحصل في المستقبل! "

وهنا قال لي الرجل " إِبني " أنا لا أعرف من هي الدولة الصغيرة ولا الكبيرة , أنا فقط أقول ما تقولهُ الكتب في تفسير الحدث وإنتقال الكواكب الذي حصل ليلة أمس لاغير".

 ونسيت الموضوع ودارت السنين وأصبحتُ شاباََ وتركت العراق وذهبت إلى الكويت للإقامة هناك , وبينما أنا في الكويت وقد إجتاحت القوات العراقية الكويت سنة 1990 , ومعظم المقيمين فيها قد هربوا وتركوها سواء كان من الكويتيين أو المقيمين ولم يبقى فيها إلا القلائل وانا من ضمنهم والشوارع شبه خالية , وفجأةََ دارت حادثة النجوم التي إنتقلت من مكان إلى آخر والنبؤءة والاحداث التي كانت ستحصل ورواها علينا قريبنا الذي كان قد توفي بعد وقتِِ ليس بكثير من تاريخ سردهِ النبوءةِ علينا. وفجأةََ سارت الاحداث كشريطِِ في مخيلتي وفهمتُ معنى النبوءة التي تهكمتُ عليها وفسرتها خطاََ في حينهِ , والآن أقص عليكم التفسير الأخير الذي دار في مخيلتي , فالموضوع أصبح سهلاََ فمعظم الحوادث الكبيرة كانت قد مرت واصبحت شيئاََ من الماضِ , واليكم أياها:

ألدولتان الصغيرة والكبيرة هما العراق وإيران, إن كان من جهة المساحة أو عدد السكان, وقد قامت الحرب العراقية الايرانية في 22 / 09 / 1980  واستمرت ثمانية سنواتِِ طوال, ولم تقوم دولةََ في العالم ولا حتى مجلس الامن أو الامم المتحدة بوقف الحرب أو حتى محاولة إيقافها, وكانت جميع الدول الغربية والاشتراكية والعربية قد إستفادت من الناحية السياسية والمادية من هذهِ الحرب التي أحرقت الاخضر واليابس وقتل خلالها أكثر من مليون شخص وأرجعت كلا الدولتين عشرات السنين إلى الوراء وأنهكتهما , وصُرفَ على الحرب مليارات من الدولارات من كلا الطرفين, بحيث لو وزعَ ما صرف على هذهِ الحرب على سكان البلدين الاحياء جميعاََ من ابن يوم واحد ألى الذي سيموت بعد لحظات لكان نصيبهُ لا يقل عن مليون دولار لكل فرد.

وأنتصر العراق الدولة الصغيرة في الحرب على إيران الدولة الكبيرة في 20 / 8 /  1988, وما كانت إلا أقل من سنتين والآن وانا جالس في الكويت والقوات العراقية قد إجتاحت في 2 / 8 / 1990 الكويت , والقوات الامريكية على وشك القدوم إلى المنطقة والسعودية ودول الخليج وكل العرب قد أصبحوا ضد العراق والحرب الكونية مع العراق يومها كانت قد أصبحت وشيكة وعلى الابواب.

وانا اليوم أكتب الاحداث , وقد مر الزمان , ودخلت القوات المتحالفة وعاصفة الصحراء الامريكية العراق باسم الامم المتحدة و34 دولة مشاركة ( اي العالم كله بحسب النبوءة ) في 16 / 01 / 1991 و24 / 02 / 1991 إلا أنهم توقفوا كمرحلة أولى وإنسحبوا تكتيكياََ , ثم عادوا في 20 / 03 / 2003 وغزوا العراق كله ولا زالوا يحتلون العراق لغاية يومنا هذا والعالم يتفرج ثانيةََ , وقد أصدروا حكم الاعدام على رئيس الجمهورية العراقية صدام حسين , وليس معلوماََ إن كانو سيُنفذون الحكم أو متى سيُنفذونهُ , ولا أريد إعطاء الفكرة بأن صدام هو المقصود بالنبوءة , ولكن أقول " إِنَّ النبوءة قد إِكتملت في كل نواحيها وفقراتها ما عدا الفقرة الاخيرة التي تخص مقتل ملكِِ أو رجل بهذا المستوى قريب من الحدود العراقية الاردنية , ومتى تم ذلك , تبدأ علامات نهاية العالم , ويبدوا إِنَّ ذلك قد أصبح وشيكاََ وعلى الابواب.

بقلم / عبدالاحد داؤد

10 / 11 / 2006



"إرجع إلى ألبداية "